مواجهة تحديات العصر الرقمي وحماية الهوية الوطنية

0 4

 

د. خالد بن علي الخوالدي

في أجواء الاحتفال بعيد الفطر المبارك، حملت خطبة العيد اليوم رسالة عصرية توازن بين تعاليم الدين ومتطلبات العصر، حيث ركزت الخطبة هذا العام على تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في حياة الأفراد والمجتمع، إلى جانب التأكيد على حماية الهوية الوطنية والمكتسبات التنموية التي حققتها سلطنة عُمان في ظل القيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق-حفظه الله ورعاه –

لقد أشادت الخطبة بدور التكنولوجيا في تسهيل التواصل وتعزيز المعرفة، حيث أصبحت المنصات الرقمية وسيلة لنشر الوعي الديني والثقافي، وفضاء للحوار البناء بين مختلف الشرائح الاجتماعية. إلا أنه حذر من الانجراف وراء الاستخدام السلبي لهذه الوسائل، الذي يؤدي إلى تفكك الأسرة بسبب إدمان الأفراد على الشاشات، مما يقلل التفاعل الحقيقي بين الأفراد إلى جانب انتشار الشائعات التي تهدد السلم المجتمعي وتضعف الثقة بين المواطنين والمؤسسات، وتؤدي إلى تآكل الهوية نتيجة التقليد الأعمى لثقافات غريبة تتناقض مع القيم العُمانية والإسلامية.

ودعت الخطبة إلى توظيف هذه المنصات بشكل إيجابي، عبر نشر المحتوى الهادف، والابتعاد عن الخطاب المثير للانقسام، مؤكدة أن العقلاء هم من يجعلون التكنولوجيا أداة للبناء، لا معول هدم.

وانتقلت الخطبة إلى الجزء الثاني الذي تمحور حول حماية الهوية العُمانية، معتبرة أن الأمن والاستقرار نعمة لا تقدر بثمن، وفي هذا حققت السلطنة بفضل سياساتها الحكيمة نموذجا فريدا في التعايش الاجتماعي والتنمية المستدامة، وشددت الخطبة على ضرورة الولاء للوطن باعتباره مسؤولية دينية ووطنية فحب الوطن ليس شعارا، بل عمل يومي يترجم بالالتزام بالقوانين واحترام مؤسسات الدولة، وضرورة الحفاظ على حماية المكتسبات مثل البنية التحتية المتطورة، والخدمات الصحية والتعليمية، والتي هي ثمرة جهود كبيرة من التخطيط السليم،

وتتويجا لهذا علينا الوقوف ضد محاولات زعزعة الأمن عبر نبذ الخطاب الطائفي أو الإقليمي، والتمسك بالوحدة الوطنية التي جعلت من عُمان واحةَ أمان في منطقة مضطربة.

ان العيد فرصة للتجديد والالتزام، فالعيد يوم فرح محطة لمراجعة الذات وتجديد العهد مع الله والوطن، ومن هنا علينا جميعا بأن نكون سفراء للوطن في العالم الرقمي وفي كل العوالم، من خلال نشر صورة عُمان الحضارية، والرد على محاولات التشويه بسرد إنجازات الوطن.

لقد نجحت خطبة العيد في عُمان هذا العام في الجمع بين الوعظ الديني والتحليل المجتمعي، لتقديم رؤية متكاملة تلبي تحديات العصر، وتذكر بأهمية الحفاظ على النسيج الوطني في ظل العولمة والتحولات الرقمية المتسارعة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.