قوات السلطان المسلحة.. درع الوطن وراية السلام
بقلم حامد بن عبدالله البلوشي
مدير عام شبكة الباحثين العرب في مجال المسؤولية المجتمعية
لعبت الجيوش دورًا محوريًّا في بناء الدول وحمايتها عبر مختلف العصور، فقد كانت رمزًا للقوة والمنعة، وأداةً لتحقيق العدل ونشر الأمن والسلام. منذ عهد النبي ﷺ، كانت الجيوش الإسلامية تحمل رسالةً ساميةً، تتمثل في الدفاع عن العقيدة ونصرة المستضعفين. وقد أمر الله بإعداد القوة اللازمة لصون الأمة، حيث قال عز وجل: “وأعدّوا لهم مّا استطعتم مّن قوّةٍ ومن رّباط الخيل”، في إشارةٍ إلى أهمية الجاهزية العسكرية.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: “عينان لا تمسهما النار؛ عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله”. ويبيّن الحديث فضل من يسهر على حماية الدولة وحفظ أمنها.
إنّ الحديث عن قوات السلطان المسلحة في سلطنتنا الغالية ليس حديثًا عابرًا؛ بل مدعاة للفخر والاعتزاز، وتاريخ طويل من التضحية والفداء؛ ففي هذا اليوم العظيم، يوم قوات السلطان المسلحة، نتذكر الملحمة الوطنية والتضحيات العظيمة والإرادة الصلبة التي قاد زمامها السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه ـ والجنود الأشاوس من أبناء عُمان المخلصين الأوفياء الذين لبوا نداء الواجب للذود عن تراب هذا الوطن الغالي بأرواحهم، وسطروا أروع أنواع التضحية والفداء لرفع راية هذا الوطن خفاقة أبية بين الأمم، ولتبقى عُمان حرة عزيزة تنعم بالأمن، والأمان، والازدهار، والاستقرار.
وتولي قوات السلطان المسلحة اهتمامًا كبيرًا بالعنصر البشري؛ باعتباره الثروة الحقيقية، والمكوّن الأساسي الأهم في منظومة خطط التطوير والتدريب والتسليح، ويتم التدريب والتأهيل على أعلى مستوى من الاحترافية، ويشمل التدريب العسكري الأكاديمي والعملي باستخدام أحدث التقنيات العسكرية. علاوة على ذلك، تحرص السلطنة على إكساب قواتها المسلحة المقدرة الكاملة، والكفاءة المطلقة، على التعامل مع مختلف التحديات الأمنية، وذلك ضمن إطار الحفاظ على سيادة البلاد واستقرارها. حتى أصبحت واحدة من أقوى الجيوش المتطورة في المنطقة.
وتضطلع قوات السلطان المسلحة بمهام وأدوار وطنية، وإسهامات تنموية متنوعة ومتعددة، وتقديم الدعم والمساعدة للمواطنين في المناطق النائية ذات التضاريس الصعبة والمناطق الجبلية التي يصعب الوصول إليها؛ حيث يتم نقل المؤن والمياه، وتوفير المواد الضرورية لهم، والمساهمة في مهام البحث والإنقاذ أثناء الكوارث الطبيعية، ونقل المرضى إلى المستشفيات، وتقديم الخدمات العلاجية.
وإننا لنرى الدور الكبير والموقف المشرف لقوات السلطان المسلحة أثناء الأنواء المناخية التي تتعرض لها السلطنة بين الحين والآخر؛ حيث سخرت كافة إمكانياتها البشرية والمادية في إنقاذ الأرواح، وإيصال المساعدات، وإزالة الأضرار، وإصلاح الطرق، وترميم الجسور، وتقديم كافة أشكال الدعم للمواطنين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة.
وفي هذا الإطار، نذكر بكل اعتزاز وتقدير الدور العظيم للسلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- في تطوير وتحديث قوات السلطان المسلحة؛ فقد كان -رحمه الله- يرى أن بناء القوات المسلحة هو ضرورة وطنية لضمان استقرار البلاد وحمايتها من أي تهديد. وقد بذل جهدًا كبيرًا في توفير التدريب الحديث، والتمويل المستمر، إضافة إلى زيادة تسليح القوات المسلحة من أجل مواجهة التحديات العسكرية المستقبلية. وكان دائمًا يؤكد أن القوات المسلحة يجب أن تكون على أعلى مستوى من الجاهزية لضمان حماية الوطن والمواطن، فمن أقواله- طيب الله ثراه: ” إننا نولي دائمًا اهتمامًا خاصًا لبناء قواتنا المسلحة على أسس حديثة، وقد بذلنا في ذلك جهدًا كبيرًا إلى أن وصلت- والحمد لله- إلى مستوى يعتز به كل عُماني”.
وفي نهضة عُمان المتجددة، تحظى قوات السلطان المسلحة باهتمام ورعاية كريمتين ساميتين من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم القائد الأعلى- حفظه الله ورعاه- في مختلف المجالات والميادين، حتى أصبحت قوات السلطان المسلحة أحد الشواهد العظيمة لمنجزات النهضة الحديثة، وقد قال جلالته- أعزه الله- في معرض خطابه السامي الأول: “ولولا ثبات ورسوخ الأمن، وانتشار الأمان في ربوع هذه البلاد الذي ما كان ليتحقق إلا بوجود قوات مسلحة جاهزة وعصرية، ومعدة إعدادًا عاليًا بكل فروعها وقطاعاتها، وأجهزة أمنية ضمنت استقرار البلاد واحترام المواطنين، فنحن نقدر دورها العظيم في ضمان منجزات ومكتسبات البلاد، ونؤكد على دعمنا لها واعتزازنا بدورها”.
ستظلّ قوات السلطان المسلحة رمزًا للعزة والوفاء، تقدم أرواحها فداءً لعُمان، حاملةً رسالة السلام والازدهار. هي الدرع الحصين، والراية الخفاقة، والنموذج المضيء لجيوش العالم التي تجمع بين القوة والرحمة. بأيدي رجالٍ أقسموا أن يبقى هذا الوطن مرفوع الجبين، حرًّا عزيزًا إلى الأبد.