بقلم: د. حامد بن عبدالله البلوشي **
أولت السلطنة البيئة اهتمامًا بالغًا؛ إدراكًا واستشعارًا منها بدورها المحوري في مسيرة النهضة، وتعد عُمان أول دولة عربية أنشأت وزارة للبيئة، فأصدرت القوانين والتشريعات لحمايتها والحفاظ عليها من التشويه والإتلاف والتلوث، والمساعدة على الاستغلال الأمثل للثروات الطبيعية؛ لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وضمان التوازن بين الأبعاد البيئية والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية.
وتحتفل سلطنة عُمان في الثامن من يناير من كل عام بيوم البيئة العُماني، تأكيدًا على أهمية البيئة والمحافظة عليها واحتفاء بالجهود المبذولة من المؤسسات الحكومية والخاصة، والفرق التطوعية، وأفراد المجتمع لصون البيئة وحمايتها.
ولم تقتصر جهود السلطنة في مجال صون البيئة والمحافظة عليها على المستوى المحلي فحسب؛ بل امتدت لتشمل المستوى العالمي وذلك بإنشاء جائزة السلطان قابوس للبيئة كمبادرة كريمة من السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- أثناء زيارته إلى مقر اليونسكو في عام 1989، وهي أول جائزة عربية يتم منحها على المستوى العالمي، وتمنح هذه الجائزة للأفراد والمنظمات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية التي تقوم بجهود مميزة في مجال العمل البيئي والمحافظة على البيئة على المستوى العالمي.
وشكلت البيئة المستدامة أحد المحاور الرئيسية لرؤية عمان 2040 كما تعتبر البيئة والموارد الطبيعية إحدى الأولويات الوطنية للرؤية وفق التوجه الاستراتيجي: نظم إيكولوجية فعالة، ومتزنة، ومرنة لحماية البيئة واستدامة مواردها الطبيعية دعما للاقتصاد الوطني، وهناك اتساق وترابط بين هذا التوجه الاستراتيجي وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030؛ حيث ارتبط بستة أهداف مباشرة من أهداف التنمية المستدامة وهي: الهدف السادس: المياه النظيفة والنظافة الصحية، والهدف السابع: طاقة نظيفة وبأسعار معقولة، والهدف الحادي عشر: مدن ومجتمعات محلية مستدامة، والهدف الثاني عشر: الاستهلاك والإنتاج المسؤلان، والهدف الرابع عشر: الحياة تحت الماء، والهدف الخامس عشر: الحياة في البر. كما ارتبط ارتباطًا غير مباشر بالهدف الثالث عشر وهو العمل المناخي، وذلك حسب ما بينه تقرير الاستعراض الوطني الطوعي الأول الذي قدمته السلطنة في المنتدى السياسي رفيع المستوى في يوليو 2019، والذي أظهر التقدم الذي أحرزته على صعيد أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.
وجاءت النهضة المتجددة بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- لتؤكد أهمية البيئة في التنمية الشاملة التي تشهدها السلطنة في مختلف المجالات وصدر مرسوم سلطاني رقم (106/ 2020) بإنشاء هيئة البيئة.
وقال جلالته- أعزه الله- في الكتيب الخاص بمرور 32 عامًا على إنشاء جائزة “اليونسكو- السلطان قابوس لصون البيئة: “إن حماية البيئة والحفاظ على مواردها الطبيعية المختلفة هي من أولويات مضامین الخطط التنموية في سلطنة عُمان انطلاقًا من القناعة الراسخة بأن العناية بالبيئة ومقدراتها مسؤولية عالمية لا تحدها الحدود السياسية للدول”.
وتواصل السلطنة مساعيها مع المنظمات، والمؤسسات الإقليمية، والدولية، المتخصصة لمواجهة التحديات البيئية الهائلة التي يشهدها العالم ومكافحة التلوث وصون الطبيعة، بفعل الكوارث البيئية، وتغير المناخ والاحتباس الحراري والتي تتطلب الكثير من الجهود لمواجهة الخطر المحدق بالإنسانية وإيجاد حلول بعيدة المدى بأساليب ووسائل علمية حديثة والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
** مدير عام شبكة الباحثين العرب في مجال المسؤولية المجتمعية